التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركة كأداة مالية لسد عجز الموازنة العامة المصرية


الأدوات المالية المستندة على أسلوب المشاركات، كأسلوب الأسهم والصكوك، وكأسلوب  B.O.T،  تعبر عن علاقة مشاركة بين الطرفين بحيث يحصل مقدم التمويل على حصة من الربح المحقق إن وجد، ويتحمل بنصيبه من الخسائر وذلك بحسب قيمة حصته في رأس المال المستثمر، وتعتبر أحدي الحلول لسد العجز الكلي للموازنة العامة للدولة المصرية .

حيث ارتفع العجز الكلي خلال أول 5 أشهر من العام المالى الحالى (يوليو – نوفمبر 2022) لمستوى 3.7 %من الناتج المحلى الإجمالى، لتصل قيمته إلى 340.5 مليار جنيه، بعد أن كانت نسبة العجز  3.4 % وبقيمة 266.9 مليار فى الفترة المماثلة من السنة الماضية.

ويوجد من الأدوات المالية المستندة علي أسلوب المشاركات نوعان هما:

أ ـ الأسهم أو الحصص أو صكوك الاستثمار، والتي تستخدم عند إنشاء الحكومة مشروعاً اقتصادياً جديداً أو لزيادة رأس مال الشركات العامة القائمة، كما تستخدم أيضاً عند إقرار تحويل السندات أو القروض إلي أسهم أي تحويل العلاقة من مديونية إلي علاقة مشاركة، وبالتالي يتضح أن هذا الأسلوب يستخدم في المشروعات العامة الاقتصادية ولا يمكن استخدامه في تمويل العجز الحكومي الخدمي أو الإداري وهذا أسلوب لم تعد له أهمية  في التطبيق في ظل الخصخصة والتي يتم في ظلها بيع الشركات والهيئات الاقتصادية العامة ويستخدم ثمن بيعها مورداً للموازنة  العامة، ويظهر كأحد الموارد الذاتية لتمويل التحويلات الرأسمالية .

ب - أسلوب B.O.T.  وهو يمثل أحد أساليب التمويل الحديثة يمكن استخدامه عند احتياج الحكومة إلى إنشاء مشروع قومى يحتاج إلى تمويل كبير تعجز موارد الدولة عن تدبيره، فتطرح المشروع طبقاً لهذا الأسلوب الذى تقوم به إحدى المؤسسات المتخصصة محلياً أو عالمياً في صورة تمويل وإنشاء المشروع ثم إدارته أو المشاركة في الإدارة، وتحصل مقابل ذلك على جزء من العائد يتفق عليه ويحدد بما يكفى لاسترداد الممول ماله وعائداً عليه خلال فترة معينة ثم يؤول المشروع إلى الحكومة في نهايتها، وهو أسلوب تم تطبيقه في مصر في مجال إنشاء محطات الكهرباء والموانى وإنشاء وتشغيل عدة مطارات منها مطار مرسى علم، ومطار العلمين، ومطار رأس سدر، وصدرت القرارات اللازمة لذلك عام 1998م تحت مسمى "إنشاء وتشغيل واستغلال وإعادة المطار" .

الأدوات المالية القائمة على أسلوب المشاركات:

أولا : أسلوب الأسهم وحصص الإنتاج

١- أسس استخدام الأسهم وحصص الإنتاج للتمويل الحكومى:

أ – المفهوم : إن أسلوب التمويل بالمشاركة بشكل عام هو طريقة لاستثمار الأموال عند نقلها من ذوى الفائض إلى ذوى العجز لأنه يتحقق فيه العدالة والتوازن بين الطرفين حيث يشترك كل منهما في منافع ومخاطر استثمار هذه الأموال ممثلة في الربح والخسارة .

ب – الأداة المالية لهذا الأسلوب: وتتمثل حديثاً في الأسهم أو لصكوك سواء تم ذلك من خلال عقد المشاركة أو عقد المضاربة والفرق بينهما أنه في المشاركة يمكن أن يجتمع التمويل والإدارة معاً لأى أو لأحد من الطرفين، بينما في المضاربة يكون التمويل أو العمل من طرف وأحدهما أو هما معاً من طرف، وكذا يمكن أن يتم التمويل من خلال حصص الإنتاج التى يشتريها الجمهور ومن مجموع حصيلتها تقيم الدولة مشروعاً أو تبيع لهم مشروعاً قائماً يدر دخلاً معيناً ويستحق لحاملى الحصص نصيباً من إجمالى الدخل بحسب قيمة الحصص .

جـ- مجال استخدام الأسهم وحصص الإنتاج: يمكن استخدام هذه الأدوات لتجميع التمويل اللازم للمشروعات الحكومية ذات الإيراد، وإن كانت الحكومات الآن في اتجاهها نحو الخصخصة تبيع هذ المشروعات فإن في المقابل ونتيجة التوجه إلى الاعتماد على أسلوب "رسوم المستفيدين" واتباع نظرية تجزئة السلع العامة، فإنه سوف تبقى لدى الحكومة بعض المشروعات التى يمكن أن تدر دخلاً مثل الجامعات، والطرق السريعة، والحراسات الخاصة .. وغيرها من التى تفرض الحكومة مبالغ للاستفادة منها تغطى التكلفة وتزيد.

د – مصادر التمويل بالأسهم وحصص الإنتاج: وتكون عن طريق طرح هذه الأسهم والحصص للاكتتاب العام بين الجماهير والمؤسسات المختلفة التى لديها فوائض مالية وترغب في استثمارها.

هـ- علاقة التمويل بالأسهم وحصص الإنتاج بالعجز الحكومى: إن الدولة حينما تواجه عجزاً مالياً فإنها تحاول علاجه من خلال الموازنة العامة عن طريق البحث عن موارد إضافية من الغير تظهر في الموازنة في صورة ديون، أما في حالة التمويل بالأسهم وحصص الإنتاج فإنه يكون تمويلاً خارج الموازنة لا يرتب ديوناً على الحكومة.

٢- إجراءات التعامل في الأسهم وحصص الإنتاج، وتتمثل بحسب مراحلها في الآتى:

أ – مرحلة الإصدار: وتكون بطرح الأسهم وحصص الإنتاج للاكتتاب العام من خلال البنك المركزى والبنوك العاملة.

ب – مرحلة التداول: إن هذه الأسهم والحصص قابلة للتداول واقعاً في سوق الأوراق المالية، وأن هذا البيع لا يتقيد بالقيمة الاسمية بل بحسب سعر السوق مما يشجع على الاكتتاب فيها وتداولها.

جـ- مرحلة التصفية: نظراً لأن هذه المشروعات في العادة تكون مستمرة ويتم التجديد فيها لذلك لا يتوقع التصفية العامة لها.

ثانيا : أسلوب أو نظام الـ B.O.T.

 ١- الأسس العامة لأسلوب B.O.T.

أ – المفهوم: لهذا الأسلوب ثلاث طرق ينفذ بها، ولذلك يطلق عليه أسلوب B.O.T. وما يلحق به وهى :

- أسلوب B.O.T. ، ويقوم على أن تعهد الحكومة من خلال إحدى وحداتها إلى شركة ما بإنشاء مرفق عام بأموال الشركة وهذا ما يعبر عنه حرف B أى الإنشاء (Build) ثم تتولى هذه الشركة إدارته بتقديم الخدمة إلى الجمهور مقابل مبالغ معينة تحددها الجهة الحكومية وتحت إشرافها ورقابتها، ويوزع العائد بين الحكومة والشركة، وهذه هى الإدارة المعبر عنها بحرف O أى (Operat) ثم تنتقل ملكية المرفق في نهاية المدة المحددة إلى الحكومة في حالة جيدة وقابلة للاستمرار وهذه يعبر عنها بالحرف T أى نقل الملكية Transfer Ownersip.

- أسلوب B.O.O.T: وهو مثل الأسلوب الأول ولكن يختلف عنه في أنه خلال فترة إدارة الشركة تظل مالكة للمرفق وتديره لحسابها أى تحصل على كل الدخل طوال مدة الامتياز المحددة ثم تنتقل الملكية للدولة في نهاية هذه المدة.

-   أسلوب B.L.T.: وهو اختصار Build Lease Transfer أى تقوم الشركة بإنشاء المرفق ثم تأجيره للدولة أو استئجاره منها مدة معينة ثم إعادة ملكية أو حيازته للدولة بحسب الأحوال.

إن نظام BOT  يمثل اتفاقية مركبة من ثلاثة عقود هى الإنشاء والإدارة مقابل حصة من الإيراد أو كل الإيراد فترة من الوقت ثم نقل الملكية للحكومة، 

جـ- الأداة المالية لنظام B.O.T.: إن العلاقة بين الحكومة والجهة المنفذة للمرفق تتم في صورة اتفاقية، وإذا أخذنا بالنظرة العامة للأدوات المالية بأنها وثيقة بحق، فإن هذه الاتفاقية تمثل الأداة المالية لهذا النظام، غير أنه لما كان العمل بهذا النظام يحتاج إلى تمويل كبير فإن الجهة المنفذة للمرفق وبناء على الاتفاقية تقوم بطرح أسهم أو حصص إنتاج بقيمة التمويل للحصول على المال اللازم لإنشائه وهنا تكون الأدوات المالية هى هذه الأسهم أو الحصص.

د – مجال استخدام نظام الـ B.O.T: يمكن استخدام هذا الأسلوب في إنشاء المرافق العامة ذات الدخل مثل المطارات والجراجات العامة والجسور التى يفرض رسم على العابرين عليها، وكذا مشروعات الكهرباء والاتصالات.. ويشترط في كل منها أن تقدم خدماتها بمقابل يدفعه المنتفعين بالخدمة.

هـ- أسلوب B.O.T والعجز الحكومى: إن اتباع هذا الأسلوب في التمويل الحكومى يوفر مصدراً جديداً لتمويل مشروعات البنية الأساسية الأمر الذى يقلل من الإنفاق الحكومى وبالتالى يعمل على منع حدوث العجز من الأصل ويساعد في إقامة هذه المشروعات بدون تأخير.

٢- إجراءات التعامل في أسلوب B.O.T: ويتمثل في الآتى:

أ – الإصدار: كما سبق القول فإنه بموجب اتفاقية الـ B.O.T بين الحكومة والجهة الملتزمة بالإنشاء تقوم هذه الجهة إن كانت شركة قائمة بزيادة رأسمالها، أو أن تطرح اسهم جديدة باسم المرفق للاكتتاب العام.

ب- التداول: ويتم إما يتنازل الجهة عن حق الامتياز الممنوح لها إلى جهة أخرى بعد الاتفاق مع الحكومة أو بتداول أسهم المرفق الذى سبق أن طرحتها الجهة المنفذة وذلك في السوق الثانوية.

جـ- التصفية: وتتم عند انتقال ملكية المرفق إلى الحكومة وبذلك تصفى ملكية أسهم المشروع ويتم ذلك باستخدام أسلوب استهلاك الاسهم حيث يتم إطفاء أو استهلاك مجموعة من الأسهم كل سنة أو جزءاً منها.

ويتضح من الأدوات المعتمدة علي أسلوب المشاركات، أنه أسلوب مناسب في سد عجز الموازنة العامة للدولة المصرية للأسباب الآتية :

١- رفع مستوى الكفاءة الاقتصادية لإدارة الأموال داخل الدولة.

٢- تخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة، فيما يتعلق بالدعم الذي تقدمه الدولة للشركات العامة وتعويض خسائرها، ومنها دفع أجور العاملين بها .

٣- توسيع قاعدة الملكية للأفراد، والحصول على زيادة في الإنتاج والتصدير وتحسين الجودة.

٤- توافر حصيلة لدى الدولة من بيع الوحدات العامة، تستطيع أن تواجه بها عجز الموازنة العامة.

٥- التغلب على عدم كفاءة نظم الرقابة والمحاسبة في الوحدات العامة.

٦- إلغاء سياسات التسعير الجبري، وتحديد الأسعار بناء علي آليات السوق وقوي العرض والطلب .

٧- استغلال قيمة الخصخصة في زيادة دعم الحكومية للمشاريع القومية الاستراتيجية .


مع تجنب عيوب مشاركة الدولة للدائنين، حيث تنطوي عملية مقايضة الديون الخارجية بحقوق ملكية في المشروعات العامة على عدة مخاطر من أبرزها :

١- إن تحويل الأرباح والفوائد والدخول والتوزيعات التي يجنيها الملاك الجدد – خاصة الأجانب – الي الخارج، ستؤثر في الأجل المتوسط على زيادة العجز في ميزان المدفوعات، رغم ما يكون في الأجل القصير من تخفيض عبء الدَّين من خلال إلغاء دفع الفوائد والأقساط المستحقة عن الديون التي ستقايض بحقوق الملكية.

٢- يصبح للأجانب المستثمرين نصيب في الدخل المحلي المخفض، وهو يتضاعف مع زيادة تحويل الديون إلى حقوق ملكية، وسيظل مستمرًّا طالما بقيت المشاريع مملوكة للأجانب.

٣- إتاحة الفرصة للهيمنة الاقتصادية عبر الشركات متعددة الجنسية من خلال امتلاكها للمشروعات المحلية، ويكون ذلك غالبًا في ضوء امتيازات وضمانات سيتضرر منها البلد مثل حرية تحديد الأسعار والأجور، ونوعية التقنية المستخدمة، والإعفاءات الجمركية والضريبية، الأمر الذي يتعارض مع السياسات القومية.

٤- تحويل الدين الخارجي إلى أصول إنتاجية سيدفع البنك المركزي إلى التوسع لإصدار النقود لمواجهة طلب تحويل الدين الخارجي إلى نقد محلي، مما يسهم في زيادة التضخم وارتفاع الأسعار .

٥- زيادة معدلات البطالة، بسبب الاستغناء عن العمالة الزائدة، فيجب علي الدولة تحويل مهاراتهم للاستفادة منهم في أعمال أخري، أو صرف تعويضات مناسبة لهم .

تعليقات

المشاركات الشائعة

ايجابيات وسلبيات ميزان المدفوعات المصري خلال الربع الأول لعام ٢٠٢٣/٢٠٢٢

ايجابيات وسلبيات ميزان المدفوعات المصري نتعرف في هذا المقال علي ايجابيات وسلبيات ميزان المدفوعات المصري خلال الربع الأول لعام ٢٠٢٣/٢٠٢٢ بالمقارنة بنفس الفترة للعام الماضي، ثم تقييم ميزان المدفوعات علي أساس الفترة المماثلة من العام الماضي، من خلال بيان البنك المركزي المصري بخصوص أداء ميزان المدفوعات المصري خلال الربع الأول لعام ٢٠٢٣/٢٠٢٢ . الإيجابيات كأرقام : ١- ارتفاع صادرات السلع البترولية بمقدار ٨٠٠ مليون دولار بنسبة ٢٧.٥% . ٢- ارتفاع صادرات السلع الغير بترولية بمقدار ٣٥٠ مليون دولار بنسبة ٦% . ٢- انخفاض واردات السلع الغير بترولية بمقدار ١.٧ مليار دولار بنسبة ١٠% . ٣- ارتفاع متحصلات النقل بمقدار ٨٠٠ مليون دولار بنسبة ٣٥%، بسبب زيادة رسوم قناة السويس . ٤- ارتفاع متحصلات السفر بمقدار ١.٢ مليار دولار بنسبة ٤٣% . ٥- انخفاض مدفوعات خدمات أخري بمقدار ٥٠٠ مليون دولار بنسبة ٣٣% . ٦- ارتفاع متحصلات دخل الاستثمار بمقدار ١٠٠ مليون دولار بنسبة ٨٩% . ٧- تحول الحساب الرأسمالي من صافي تدفق للخارج إلي صافي تدفق للداخل، فينتج عنه تغير بمقدار ٥٠ مليون دولار  . ٨- ارتفاع صافي التدفق للداخل بحساب الاست

تكملة التحليل المالي المقارن لميزان المدفوعات المصري لعام ٢٠٢٣/٢٠٢٢

تحليل مقارن للحساب الجاري بميزان المدفوعات المصري  تم تقديم في مقال سابق ، تحليل مالي مقارن لحساب المعاملات الجارية بميزان المدفوعات المصري خلال الربع الأول لعام ٢٠٢٣/٢٠٢٢ ومقارنته بالربع الأول لعام ٢٠٢٢/٢٠٢١ . ونقدم في هذا المقال تكملة لهذا التحليل المالي المقارن، مستندا لبيان البنك المركزي المصري بشأن أداء ميزان المدفوعات لعام ٢٠٢٣/٢٠٢٢  ثانيا : الحساب الرأسمالي والمالي   ١- انخفاض فائض الحساب الرأسمالي والمالي بمقدار ١.٦٥ مليار دولار بنسبة ٢٧%، بسبب ما يلي  : أ- تحول الحساب الرأسمالي من صافي تدفق للخارج الي صافي تدفق للداخل، فيكون التغير بمقدار ٥٠ مليون دولار  . ب- انخفاض صافي التدفق للداخل الحساب المالي بمقدار ١.٧ مليار دولار بنسبة ٢٨%، بسبب ما يلي  : - ارتفاع صافي التدفق للداخل بحساب الاستثمار المباشر في مصر بمقدار ١.٦ مليار دولار بنسبة ٩٤% . - تحول حساب الاستثمارات الأوراق المالية في مصر من صافي تدفق للداخل الي صافي تدفق للخارج، فيكون التغير بمقدار ٥.٧ مليار دولار، بسبب انخفاض إقبال الأجانب علي شراء السندات - ارتفاع صافي التدفق للداخل بحساب الاستثمارات الأخرى بمقدار ٢.٤ مليار دو