التخطي إلى المحتوى الرئيسي

وثيقة ملكية الدولة موجة جديدة من الخصخصة في مصر

ابتدأت الخصخصة في مصر من المنظور الاقتصادي في عام ١٩٩١ ثم تحولت في الفترة الأخيرة الي المنظور السياسي ، وهو يدعو إلى اختزال دور الدولة ليقتصر على مجالات أساسية مثل الدفاع والقضاء والامن الداخلي والخدمات الاجتماعية، لذا فان التخصيص يتجاوز مفهومه الضيق المقتصر على عملية بيع أصول أو نقل ملكية ليكون بمثابة نقلة اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة وفلسفة جديدة لدور الدولة.

المرحلة الأولى : الخصخصة من المنظور الاقتصادي 

أطلقت مصر عام ١٩٩١ برنامج الإصلاح الاقتصادي والتكيّف الهيكلي لمواجهة الظروف الاقتصادية الملحة، وكانت الخصخصة إحدى الركائز الأساسية لهذا البرنامج، فكانت نتيجته  خصخصة 382 مؤسسة مملوكة من الدولة، بعضها خصخصة كلية وأخرى جزئية. وبلغ إجمالي حصيلة بيع الشركات العامة بموجب برنامج الخصخصة 57.4 مليار جنيه مصري (حوالي 9.4 مليار دولار تقريباً) حتى عام 2009. 

وتباين أداء الشركات المخصخصة بحسب درجة نقل ملكية الأصول، إما خصخصة بالكامل أو خصخصة جزئية.وما يثير العجب أن أداء الشركات المخصخصة جزئياً لم يظهر أي تحسن. ويرجع السبب الرئيسي في ذلك أن الخصخصة الجزئية لا تجبر على تغيير الإدارة. 

ومن عيوب الخصخصة في مصر، تقييم الشركات المباعة بأقل من قيمتها الحقيقية، فتم رفع 40 دعوى قضائية لإلغاء خصخصة بعض الشركات. ولا تزال معظم هذه القضايا أمام المحاكم، لكن تم صدور أحكام قضائية بإعادة بعض هذه الشركات للقطاع العام. ويقوم بعض المستثمرين حالياً برفع قضايا تحكيم دولي للمطالبة بتعويض مقابل استثماراتهم المفقودة .

واستندت الأحكام القضائية بإلغاء الخصخصة في بعض القضايا إلى تدني سعر البيع والفساد، أبرز الأمثلة على أحكام إبطال صفقات الخصخصة، كانت الأحكام بعودة شركات عمر أفندي والنصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط وطنطا للكتان والزيوت وشركة شبين الكوم للغزل والنسيج .

المرحلة الثانية : الخصخصة من
المنظور السياسي

قامت المجموعة الاقتصادية برئاسة رئيس الوزراء بدراسة القطاعات المملوكة للدولة، واستخلصت الدراسة مجموعة من الآليات المقترحة لتمكين القطاع الخاص، منها تحديد القطاعات الرئيسية التي ستستمر بها الدولة، والقطاعات التي ستخرج منها، والقطاعات التي سيتم الخروج التدريجي منها، إلى جانب إعادة إصلاح القطاع العام من خلال الإبقاء على الشركات الكبرى في القطاعات الاستراتيجية والأكثر أولوية، والتخلي عن الشركات في القطاعات الأقل أولوية .

يعتبر هذه الدراسة، تغيرًا جوهريًا في تاريخ الخصخصة في مصر، والذي يعود لمطلع التسعينيات، فللمرة الأولى يصبح المنطق وراء الخصخصة هو تخلي الدولة عن قطاعات بكاملها تقريبًا، واختيار قطاعات بعينها فقط لمواصلة الاستثمار فيها .

بحلول منتصف يونيو الماضي، أطلقت الحكومة بالفعل مسودة وثيقة ملكية الدولة – التي تزال مطروحة للتعديل بناء على مشاورات جرت مع ممثلين للقطاع الخاص .

كشفت الوثيقة عن نية الدولة الخروج من قطاع الصناعات التحويلية خلال ثلاث سنوات بالنسب التالية: قطاعات الغزل والنسيج بنسبة 90%، والطباعة والتغليف بنسبة 78%، والصناعات الهندسية بنسبة 77%، والصناعات الكيماوية بنسبة 75%، والصناعات الغذائية والمشروبات بنسبة 73%، والصناعات الدوائية بنسبة 50%، والصناعات المعدنية بنسبة 40%. 

تأتي هذه الموجة الجديدة من الخصخصة بعد إقرار تشريع قيد الرقابة القضائية ورقابة الأجهزة الرقابية المعنية بمكافحة الفساد على أي صفقة مزمعة بين الحكومة والقطاع الخاص، وهو قانون “إجراءات الطعن على عقود الدولة” الذي يقيد الرقابة القضائية على الصفقات والعقود التي تبرمها الدولة، ينص القانون على حظر الطعن على العقود التي تبرمها الدولة إلا من قبل طرفي العقد، بما فيها قرارات تخصيص العقارات، وهما الحكومة والمستثمر. 

تعليقات

المشاركات الشائعة

ايجابيات وسلبيات ميزان المدفوعات المصري خلال الربع الأول لعام ٢٠٢٣/٢٠٢٢

ايجابيات وسلبيات ميزان المدفوعات المصري نتعرف في هذا المقال علي ايجابيات وسلبيات ميزان المدفوعات المصري خلال الربع الأول لعام ٢٠٢٣/٢٠٢٢ بالمقارنة بنفس الفترة للعام الماضي، ثم تقييم ميزان المدفوعات علي أساس الفترة المماثلة من العام الماضي، من خلال بيان البنك المركزي المصري بخصوص أداء ميزان المدفوعات المصري خلال الربع الأول لعام ٢٠٢٣/٢٠٢٢ . الإيجابيات كأرقام : ١- ارتفاع صادرات السلع البترولية بمقدار ٨٠٠ مليون دولار بنسبة ٢٧.٥% . ٢- ارتفاع صادرات السلع الغير بترولية بمقدار ٣٥٠ مليون دولار بنسبة ٦% . ٢- انخفاض واردات السلع الغير بترولية بمقدار ١.٧ مليار دولار بنسبة ١٠% . ٣- ارتفاع متحصلات النقل بمقدار ٨٠٠ مليون دولار بنسبة ٣٥%، بسبب زيادة رسوم قناة السويس . ٤- ارتفاع متحصلات السفر بمقدار ١.٢ مليار دولار بنسبة ٤٣% . ٥- انخفاض مدفوعات خدمات أخري بمقدار ٥٠٠ مليون دولار بنسبة ٣٣% . ٦- ارتفاع متحصلات دخل الاستثمار بمقدار ١٠٠ مليون دولار بنسبة ٨٩% . ٧- تحول الحساب الرأسمالي من صافي تدفق للخارج إلي صافي تدفق للداخل، فينتج عنه تغير بمقدار ٥٠ مليون دولار  . ٨- ارتفاع صافي التدفق للداخل بحساب الاست

تكملة التحليل المالي المقارن لميزان المدفوعات المصري لعام ٢٠٢٣/٢٠٢٢

تحليل مقارن للحساب الجاري بميزان المدفوعات المصري  تم تقديم في مقال سابق ، تحليل مالي مقارن لحساب المعاملات الجارية بميزان المدفوعات المصري خلال الربع الأول لعام ٢٠٢٣/٢٠٢٢ ومقارنته بالربع الأول لعام ٢٠٢٢/٢٠٢١ . ونقدم في هذا المقال تكملة لهذا التحليل المالي المقارن، مستندا لبيان البنك المركزي المصري بشأن أداء ميزان المدفوعات لعام ٢٠٢٣/٢٠٢٢  ثانيا : الحساب الرأسمالي والمالي   ١- انخفاض فائض الحساب الرأسمالي والمالي بمقدار ١.٦٥ مليار دولار بنسبة ٢٧%، بسبب ما يلي  : أ- تحول الحساب الرأسمالي من صافي تدفق للخارج الي صافي تدفق للداخل، فيكون التغير بمقدار ٥٠ مليون دولار  . ب- انخفاض صافي التدفق للداخل الحساب المالي بمقدار ١.٧ مليار دولار بنسبة ٢٨%، بسبب ما يلي  : - ارتفاع صافي التدفق للداخل بحساب الاستثمار المباشر في مصر بمقدار ١.٦ مليار دولار بنسبة ٩٤% . - تحول حساب الاستثمارات الأوراق المالية في مصر من صافي تدفق للداخل الي صافي تدفق للخارج، فيكون التغير بمقدار ٥.٧ مليار دولار، بسبب انخفاض إقبال الأجانب علي شراء السندات - ارتفاع صافي التدفق للداخل بحساب الاستثمارات الأخرى بمقدار ٢.٤ مليار دو

المشاركة كأداة مالية لسد عجز الموازنة العامة المصرية

الأدوات المالية المستندة على أسلوب المشاركات، كأسلوب الأسهم والصكوك، وكأسلوب  B.O.T،  تعبر عن علاقة مشاركة بين الطرفين بحيث يحصل مقدم التمويل على حصة من الربح المحقق إن وجد، ويتحمل بنصيبه من الخسائر وذلك بحسب قيمة حصته في رأس المال المستثمر، وتعتبر أحدي الحلول لسد العجز الكلي للموازنة العامة للدولة المصرية . حيث ارتفع العجز الكلي خلال أول 5 أشهر من العام المالى الحالى (يوليو – نوفمبر 2022) لمستوى 3.7 %من الناتج المحلى الإجمالى، لتصل قيمته إلى 340.5 مليار جنيه، بعد أن كانت نسبة العجز  3.4 % وبقيمة 266.9 مليار فى الفترة المماثلة من السنة الماضية. ويوجد من الأدوات المالية المستندة علي أسلوب المشاركات نوعان هما: أ ـ الأسهم أو الحصص أو صكوك الاستثمار، والتي تستخدم عند إنشاء الحكومة مشروعاً اقتصادياً جديداً أو لزيادة رأس مال الشركات العامة القائمة، كما تستخدم أيضاً عند إقرار تحويل السندات أو القروض إلي أسهم أي تحويل العلاقة من مديونية إلي علاقة مشاركة، وبالتالي يتضح أن هذا الأسلوب يستخدم في المشروعات العامة الاقتصادية ولا يمكن استخدامه في تمويل العجز الحكومي الخدمي أو الإداري وهذا أسلوب لم ت