تحرير سعر الصرف |
تعتبر سياسة البنك المركزي المصري في تحرير سعر الصرف، سياسة ناجحة بشرط قدرة الدولة علي امتصاص موجه التضخم المصاحبة لهذه السياسة . في هذا المقال نتعرف فيه علي مدي قدرة سياسة تحرير سعر الصرف علي اصلاح عجز ميزان المدفوعات المصري، حيث يتم تقييم الواردات والصادرات بسعر الصرف، وعجز ميزان المدفوعات ناتج من عجز ضخم في الميزان التجاري .
في هذا المقال، نتعرف علي مفهوم سعر الصرف وسياساته، وأنواعه، وأنواع تعويم سعرالصرف، ومدي تأثير سعر الصرف علي ميزان المدفوعات، ثم التعرف علي مدي قدرة سياسة تحرير سعر الصرف علي اصلاح عجز ميزان المدفوعات المصري .
أولا : مفهوم سعر الصرف
سعر الصرف هو عدد الوحدات النقدية التي تبدل به وحدة من العملة المحلية إلى أخرى أجنبية. والبنك المركزي لكل دولة مسئول عن تحديد سعر الصرف، ليتعامل به البنوك والشركات والهيئات والأفراد .
ثانيا : أنواع سعر الصرف
وهناك سعر صرف حاضر أي استبدال عملة بعملة أخرى في الوقت الراهن بالسعر الحالي .
بينما هناك سعر صرف آجل وهو استبدال عملة بعملة أخرى خلال وقت معين في المستقبل يتم الاتفاق عليه مسبقًا بسعر معين بين المشتري والبائع.
ثالثا : سياسات سعر الصرف
وعند الانتقال إلى السياسات التي يقوم عليها سعر الصرف، نجد سعر الصرف الثابت الذي يتم تحديده إما بناءا على :
- قاعدة الذهب وتتيح استبدال العملة بالذهب في أي وقت، حرية استيراد وتصدير المعدن الأصفر ويتم تحديد سعر العملة بناءًا على احتياطي الذهب. أو يتم تحديده طبقًا لقواعد صندوق النقد الدولي أو من خلال السياسات المالية والنقدية.
- أما سعر الصرف المتغير فيعني ترك العملة لقوى العرض والطلب ويطلق عليه "تعويم العملة" أو تدخل السلطات التنفيذية والنقدية طبقًا للأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
رابعا : أنواع تعويم سعر الصرف
١- التعويم الزاخف: بمعنى تحريك سعر الصرف بوتيرة بطيئة تكاد تكون زاحفة.
٢- التعويم من خلال اتفاق إقليمي: ويكون اتفاق بين الدول في منطقة أو إقليم معين أو كتلة اقتصادية على سعر صرف معين يكاد يكون أقرب للثبات، إلا أنه يكون هناك نطاق يسمح للتداول فيه أي وجود حد أقصى وأدنى لتحركات أسعار الصرف
٣- تعويم مدار: وفي هذه الحالة تتدخل البنوك المركزية في الدولة كأرصدة دائنة لعمليات تحركات رؤوس الأموال على المدى القصير بهدف التحكم في قوى الطلب والعرض للعملة.
٤- التعويم النظيف: تكون قوى العرض والطلب هي المحرك الرئيسي لسعر الصرف ولكن تقوم الدول بترك احتياطي نقدي وذهب في حالة حدوث تقلبات عنيفة في سعر الصرف بشكل مفاجىء من شأنه الضرر بالأوضاع الاقتصادية.
٥- التعويم الغير نظيف: وفي هذا النوع تقوم البنوك المركزي بالدخول كمشتري أو بائع لسعر الصرف بهدف التحكم في العملة.
خامسا : مدي تأثير سعر الصرف على ميزان المدفوعات
كل دولة لها عملتها الخاصة تستعمل في عمليات الدفع الداخلية، وتظهر الضرورة إلى استعمال العملات الخارجية عندما تقوم علاقات تجارية أو مالية بين شركات تعمل داخل الدولة مع شركات تعمل خارجها، وتحتاج الشركات المستوردة إلى عملة البلد المصدر لتسديد قيمة السلع المستوردة، وتضطر بذلك إلى الذهاب إلى سوق الصرف لشراء عملة البلد المصدر لتتم هذه العملية، وإذا لم تجد عملة الدولة المصدرة ،يتفقوا علي عملة ثالثة للتعامل بينهما مثل الدولار الأمريكي، لانتشاره وسهولة الحصول عليه .
فالسعر العالمي والسعر المحلي للسلعة مرتبطان من خلال سعر الصرف، أي فعاليات الاستيراد والتصدير تتم من خلال سعر الصرف، مما يعني تأثير سعر الصرف علي ميزان المدفوعات .
العجز في الحساب الجاري يظهر أن الدولة تنفق أكثر على التجارة الخارجية مما تحققه، وأنها تقوم باقتراض رأس المال من العملات الأجنبية أكثر مما تحصل عليه من خلال بيع الصادرات، وأنها توفر من عملتها أكثر من الطلب الأجنبي على منتجاتها.
يقوم البنك المركزي المصري باتباع سياسة التعويم المدار، أي تدخله للتحكم في قوي العرض والطلب للعملة المحلية .
ويحاول البنك المركزي المصري الآن بترك قوي العرض والطلب للتأثير علي سعر الصرف بدون تدخل منه، لجعله أداة في إصلاح عجز ميزان المدفوعات .
وبذلك يعدل البنك المركزي المصري من سياساته لسعر الصرف، ويقوم بتحرير كامل له، مما نتج عنه انخفاض كبير قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية .
من مزايا تخفيض سعر العملة المحلية، ما يلي:
١- زيادة القدرة التنافسية للسلع المصدرة للخارج، لأن سعرها يكون أقل من سعرها في الأسواق الأخرى، وبالتالي تزيد الصادرات، وبالتالي تخفيض العجز في ميزان المدفوعات .
وتستخدم سياسة تخفيض العملة على نطاق واسع لتشجيع الصادرات، إلا أن ذلك يجب أن يخضع لمجموعة شروط:
-- أن يتسم الطلب العالمي على منتجات الدولة بقدر كبير من المرونة بحيث يؤدي تخفيض العملة إلى زيادة أكبر في الإنتاج العالمي .
-- أن يتسم العرض المحلي لسلع التصدير بقدر كاف من المرونة بحيث يستجيب الجهاز الإنتاجي لارتفاع الطلب الناجم عن ارتفاع الصادرات.
-- ضرورة توفر استقرار في الأسعار المحلية.
-- عدم قيام الدول المنافسة الأخرى بإجراءات مماثلة لتخفيض عملاتها.
-- استجابة السلع المصدرة لمواصفات الجودة والمعايير الصحية الضرورية للتصدير.
-- إعتماد الدولة علي المواد الخام المحلية في إنتاج السلع المصدرة، حتي لا تضطر الي استيراد المواد الخام، فيقابل زيادة الصادرات زيادة في الواردات .
-- يجب علي الدولة تحديد السلع المصدرة التي تزيد عن حجم الطلب المحلي، حتي لا نستورد نفس السلعة المصدرة بأسعار أعلي من سعر تصديرها، مما يزيد من عجز ميزان المدفوعات .
-- يجب علي الدولة اختيار السلع المصدرة التي لا تستخدم العمالة الأجنبية، حتي لا يزداد الطلب علي العملات الأجنبية .
٢- زيادة الصادرات، يؤدي الي تشجيع المستثمرين علي زيادة إنتاج السلع المصدرة، مما يؤدي الي تخفيض معدلات البطالة، وزيادة قيمة الصادرات، مما يخفض من عجز ميزان المدفوعات .
٣- كذلك يتم تحجيم الاستيراد، ليكون للسلع الضرورية، لارتفاع تكلفة الاستيراد، الناتج من ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية، وبالتالي ينخفض الطلب علي العملات الأجنبية، مما يخفض سعرها، وبالتالي تخفيض العجز في ميزان المدفوعات .
٤- جذب رؤوس الأموال من الخارج للاستثمار المباشر بتكوين شركات، أو استثمارها في الأوراق المالية، بسبب انخفاض قيمة الأسهم عند قياسها بالعملات الأجنبية، مما يقلل من عجز ميزان المدفوعات .
٥- الحد من خروج رؤوس الأموال من مصر ، مما يقلل من عجز ميزان المدفوعات .
٦- زيادة تحويلات العاملين بالخارج، بسبب ارتفاع سعر العملات التي في حوذتهم، مما يقلل عجز ميزان المدفوعات .
مساوئ سياسة تحرير الصرف :
١- رفع تكلفة الاقتراض من الخارج، وكذلك رفع تكلفة الودائع الاجنبية لدي البنك المركزي من فوائد، وعند فك ربط هذه الودائع.
٢- رفع تكلفة الاستيراد للسلع الضرورية مثل السلع الغذائية، وخاصة القمح ، مما يزيد من قيمة الواردات . ولذلك يجب اتباع سياسة ترشيد الاستيراد، لتقليل العجز الموجود في ميزان المدفوعات المصري .
٣- زيادة معدلات التضخم، بسبب الأستمرار في زيادة الأسعار . فيجب علي الدولة العمل علي تثبيت الأسعار من ناحية، وتشجيع المؤسسات الاجتماعية في مساعدة محدودي الدخل من ناحية أخرى .
الملخص :
سياسة تحرير سعر الصرف التي اعتمادها البنك المركزي المصري مؤخرا، أدي الي تخفيض قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية بنسبة كبيرة، مما يزيد من القدرة التنافسية للسلع التصديرية، وجذب رؤوس الأموال من الخارج، وعدم خروج رؤوس الأموال المحلية للخارج وزيادة تحويلات العاملين بالخارج، مع ترشيد الاستيراد وحصره علي السلع الضرورية، بزيادة الرسوم الجمركية علي السلع الغير ضرورية ووضع حصص لمستوردي هذه السلع، مع تخفيض الاعتماد علي الاقتراض بالعملات الأجنبية، نظرا لارتفاع سعرها، مع تشجيع المؤسسات الاجتماعية لمساعدة محدودي الدخل، للتغلب علي مشكلة التضخم مع ثبات الدخول للعاملين بالدولة .
التوصيات :
ولذلك تعتبر سياسة البنك المركزي المصري في تحرير سعر الصرف، سياسة ناجحة بشرط قدرة الدولة علي امتصاص موجه التضخم المصاحبة لهذه السياسة، عن طريق قيام الدولة بتوفير السلع الرئيسية، وبمراقبة الأسعار، وتشجيع المؤسسات الاجتماعية لمساعدة محدودي الدخل، حتي لا تضطر الدولة الي رفع الأجور للعاملين بالدولة ولاصحاب المعاشات، وزيادة المبالغ المدفوعة كمساعدات مثل تكافل وكرامة .
تعليقات
إرسال تعليق
يشرفني تعليقاتكم